noumourbanner.jpg

Home | Videos | Our Martyrs | TIGERS | Pr Dany Chamoun | Pr Camile Chamoun | Opinions








Ghassan Saoud

«الأحرار» بعد داني: من حزب رئاسة الجمهورية إلى رئاسة البلدية

 

غسان سعود -

21 تشرين الأول 2006

 

... ثم قتل داني شمعون. كانت تلك الضربة الأقسى لحزب الوطنيين الأحرار، الحزب الذي هجره منذ ذلك اليوم كثيرون، وفي مقدمّهم أصدقاء داني، وأبرز مقاتلي «النمور».

ماذا يقول «النمور» السابقون عن داني، عن حزب الرئيس كميل شمعون، وعن المستقبل، في صبيحة إحياء ذكرى اغتيال داني في احتفالين: واحد يقيمه حزب الوطنيين الأحرار، وآخر يحييه أصدقاء داني شمعون

يسعى «النمور» السابقون، بوب عزام وجورج أعرج وجان عيد ونبيل ناصيف (أمين الخارجية السابق في الحزب) وعدد من رفاقهم السابقين في حزب الوطنيين الأحرار إلى إنشاء «جبهة لبنانية» جديدة. تضم الجبهة، إلى جانب قدامى «النمور»، مسعود الأشقر وجوزيف الزايك (شقيق الرئيس الأسبق لأركان القوات اللبنانية) عن قدامى حزب الكتائب اللبنانية، وعباد زوين عن «التنظيم»، وفرنسوا علم وسمير غزال عن قدامى حزب حرّاس الأرز، إضافة إلى كوادر أساسية مما كان يعرف سابقاً بـ«المقاومة اللبنانية» التي بدأت، بحسبهم، عام 1975. وقد تبلور السعي لإنشاء الجبهة، بعدما فقدوا الأمل في استعادة حزب الوطنيين الأحرار موقعه التاريخي، وبعدما تكررت خيباتهم من رئيس بلدية دير القمر، دوري شمعون.

دأ انهيار حزب الوطنيين الأحرار وخروج أصدقاء داني وأبرز قيادييه منه، وفقاً لرواية «النمور» السابقين، مباشرة بعد اغتيال داني. وكان الجيش السوري قد دخل إلى منطقة بعبدا وجوارها حيث يقطن داني الذي ظل يستقبل شخصيات سياسية، ويناقش مبادرات للمصالحة، كان أبرزها مع قيادي قواتي انتهت بإعلامه من قبل سمير جعجع أن «على داني أن ينسى السياسة»، وفقاً لبوب عزام (رئيس جهاز أمن حزب الأحرار)


لاحقاً، في صباح الأحد 22/10/1990، اقتحم ثمانية مسلحين منزل داني شمعون في الطبقة الخامسة من سنتر شاهين، وأطلقوا النار من مسدسات كاتمة عليه وعلى زوجته انغريد عبد النور وولديه طارق وجوليان. وفي اليوم نفسه، نشرت صحيفة «اي. بي. سي» الإسبانية تصريح شمعون في مقابلة معها قبل يوم واحد من اغتياله، أنه يحبّذ المصالحة الوطنية والانتخابات الحرة. وأكد أن «أنصار العماد ميشال عون لن يعطوا فرصة للانضمام إلى حكومة الياس الهراوي». ونفى أن يكون عون قد طلب تدخل إسرائيل قائلاً: «اعترفت إسرائيل أنه الزعيم المسيحي اللبناني الوحيد الذي كان في السلطة ولم يطلب المساعدة».
بعد عشرة أيام، أحيلت قضية مقتل داني شمعون إلى المجلس العدلي. إلّا أن التحقيق لم يباشر حتى عام 1994. فأثناء استجواب أعضاء القوات اللبنانية المحتجزين لعلاقتهم بتفجير كنيسة سيدة النجاة، أعلن قاضي التحقيق اكتشافه أدلة تشير إلى أن القوات اللبنانية اغتالت شمعون، وأفراد عائلته. وبناءً على ذلك، وُجِّهت إلى سمير جعجع ومسؤولين آخرين في القوات اللبنانية تهمة الاغتيال. وحُوِّل جعجع إلى المجلس العدلي. وفي حزيران 1995، أدين جعجع بقضية داني شمعون، وحكم بالإعدام، وخُفّف الحكم إلى السجن المؤبد.

بعد اغتيال داني، عقد المجلس السياسي للحزب اجتماعاً، وقرّر بالإجماع أن يتسلّم دوري شمعون رئاسة الحزب. يومها، قال الأعرج لدوري: «أطفأوا إحدى عينينا، وبقيت أنت العين الوحيدة التي نرى فيها». لكن دوري أبلغ الحاضرين، فور إعلانه رئيساً، رغبته بالسفر لبضعة شهور يعود بعدها للاهتمام بالحزب.
خاض الحزب لاحقاً حملة مقاطعة الانتخابات، رافضاً عرض السلطة بتعيين 19 نائباً من مؤيديه. وبدأ شمعون بمعارضة السوريين وحلفائهم اللبنانيين، وخصوصاً الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وكرر شمعون القول، وفقاً للنمور السابقين، إن الحريري سيختار حتماً السعودية إذا حصل خلاف بين لبنان والسعودية. الأمر الذي أدى إلى منعه من الإطلالات الإعلامية حتى عام 1997. حينها، كان النمور يعملون ضمن الأطر الحزبية، رغم الاعتراضات على أن بعض المقربين من دوري سبق أن طردوا من الحزب لتعاملهم مع أشخاص معادين للحزب. وكان رئيس الوطنيين الأحرار يرد على جميع الملاحظات التي تقدم إليه بالتأكيد أن على «القاعدة أن تلحق بالقائد دون جدل». ويروي أصدقاء داني قول دوري في إحدى المقابلات التلفزيونية رداً على سؤال عن حال حزبه، إنه يدير الحزب عكس أخيه تماماً.
وبعد تنظيم أصدقاء داني (تحت راية حزب الأحرار) استقبالين للبطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير بعد عودته من الولايات المتحدة، وزيارته إلى الشوف، أبلغ دوري المحازبين رغبته بإصلاح الحزب. لكنه نكث بالوعد مرة أخرى.
وهكذا بدأت معالم التذمر في الحزب بالاتّضاح. طالب البعض، يتقدمهم جان عيد، بثورة ضد دوري لإخراجه من البيت المركزي. فيما كان الفريق الآخر (بوب عزام وجورج أعرج وشارل غسطين وعساف الهاشم) يصرّ على أن دوري خط أحمر لا يجوز تخطيه. وحصل أكثر من ثلاثين اجتماعاً تفاوضياً قبل قطعهم الأمل نهائياً من التوصل إلى تفاهم مع دوري، وخصوصاً بعدما أبلغ رئيس بلدية دير القمر أكثر من ثمانين قيادياً سياسياً وعسكرياً في «الأحرار» أنّ «الحزب مثل باص، ورئيسه هو السائق. والذي يحب الصعود أهلاً وسهلاً به، لكن ممنوع عليه أن يطلب من السائق فتح الشبّاك أو الذهاب يميناً أو يساراً أو اختيار الطرقات. ومن لا يقبل هذه الشروط، فمع السلامة».
وهكذا خرج أصدقاء داني، مجروحين من رئيس الحزب، ليقولوا إنه يعاني من عقدة نقص تجاه أخيه، فسعى للانتقام من كل محبيه. وحقدوا على قيادة «الأحرار» التي لم تتّخذ موقفاً جدّياً حيال الذين اغتالوا الرئيس السابق للحزب. وأبدوا امتعاضهم من حال حزب ليس فيه مجلس أمناء ولا مجلس أعلى ولا جزء يسير من القواعد التي كان يملكها. حزب لم ينجح في إيصال أي نائب إلى الندوة البرلمانية.
وفي نهاية الحديث، وبعد التأكيد على تلاقيهم الكامل في السياسة مع العماد ميشال عون، يبتسم أحد النمور، ويقول: «إنّ دوري شمعون أنهى حزباً بقي رغم عشرات الامتحانات القاسية». ويأسف زميله أن «ينتهي عهد الشمعونيّين مع دوري الذي يكتفي اليوم بشتم العماد عون، وتنظيم شرطة بلديّة دير القمر».


«توحيد البندقيّة»

شهدت علاقة حزبي الكتائب والأحرار تصدعاً كبيراً منذ عملية «توحيد البندقية» في الصفرا عام 1980، التي كانت، وفقاً لجورج الأعرج، ترجمة لمقال نشرته جريدة «الأنوار» قال فيه داني شمعون إن «إسرائيل ستمتص دماء المسيحيين في لبنان، ويجب فتح حوار مع الفلسطينيين وضبط بندقيتهم». ووفقاً لـ«النمور»، خلقت مجزرة الصفراء شعوراً بالمرارة والهزيمة لدى داني شمعون. لكن ما آلمه أكثر كان دعوة الرئيس كميل شمعون إلى حل ميليشيا «النمور» ونسيان ما حصل حرصاً على المسيحيين. فغادر داني لبنان إلى الخارج، فيما استمر والده على تحالفه مع آل الجميّل. وبعد اغتيال بشير وانتخاب شقيقه الشيخ أمين رئيساً للجمهورية، عاد داني إلى لبنان «لاستعادة ما خسره».
وبالتزامن مع تمرّد «القوات اللبنانية» على سلطة أمين الجميل وإحكامها السيطرة على المناطق الشرقية، تنازل الرئيس شمعون في 24 آب 1985 عن رئاسة حزب الوطنيين الأحرار لابنه داني الذي بقي خارج نطاق سلطة قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في المناطق المسيحية، وأعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية في السابع من آذار عام 1988. ثمّ انحاز داني إلى العماد ميشال عون خلال حربَي «التحرير» و«توحيد البندقية». وعن تلك المرحلة، قال دوري شمعون في برنامج تلفزيوني: «إنّ مشروع جعجع مثل مشروع بشير، يريد دولة على ذوقه».


اللقاء الأخير مع حبيقة

بوب المثقل بذكريات الأيام الأخيرة مع داني، كشف عن تفاصيل زيارة إيلي حبيقة وأسعد الشفتري ورجلين متقدمين في السن لشمعون. عقدوا معه اجتماعاً استمرّ من الساعة العاشرة ليلاً حتى الواحدة فجراً تقريباً.

وحصل خلاله تبادل للعتب عن أحداث سابقة. ثم تحدث حبيقة مطولاً عن حزب «الوعد» الذي ينوي إنشاءه، وأكد رغبته في عودة مهجري الجبل عن طريقه. وفي نهاية اللقاء سأل حبيقة شمعون إذا كان يرغب في أن يرسل له شابّين للحماية من بعيد ومن دون مضايقته، فرفض شمعون. وبعد رحيل حبيقة، أسرَّ شمعون لعزّام بارتياحه واطمئنانه إلى سلامة «الأحرار».
وقبل أن تجتمع «الجبهة اللبنانية الجديدة» في 18-10-1990 برئاسة داني شمعون وتعلن برنامجها للمرحلة المقبلة، وقبل أن يودع شمعون صديقه عزام مساء السبت السابق للاغتيال، أكد له الرغبة في مغادرة لبنان قليلاً للراحة، علماً أن القنصل الفرنسي جو مارك سيمو كان قد أعطاه تأشيرات السفر قبل يوم واحد، لكنه اختار التريث بعد أن أخذ موعداً يوم الثلاثاء مع قائد الجيش آنذاك الرئيس إميل لحود الذي، وفقاً للشهيد جبران تويني، كان على علاقة حميمة جداً مع داني شمعون.

 



Copyright ©2004-2007 Noumour. All rights reserved.